Details
#Sandalah #massacre #nakbah #marjbinamer
Big christmas sale
Premium Access 35% OFF
Details
#Sandalah #massacre #nakbah #marjbinamer
Comment
#Sandalah #massacre #nakbah #marjbinamer
في ظهيرة يوم صيفي من ايام ايلول في موسم كبت السمسم كنت مع ابي على البيضر اراقبه وهو يدخل اطراف قنبازه الرمادي المخطط وراء حجام يلفه على وسطه فينكشف سرواله بلونه الابيض ويلف حطته البيطاء على رأسه من غير العقال ليحمي رأسه من اشعة الشمس التي مالت للتو عن وسط السماء مستقبلا القبلة يحمل بين يديه دمتي سمسم قد جفتا بعد مقوث ايام طويلة في شمس الصيف الحالقة في كل يد دمه يضرب احداهما بالاخرى فتخرج حبات السمسم من قرونها التي تفتحت بعد الجفاف تنساب بلونها الذهبي متساقطة على الارض كنت اجلس على صخرة مرتفعة قبالة ابي استمتع بذلك المنظر الجميل رغم صغر سني اذ لم اكن قد اتممت الخامسة من عمري يومها في بداية هذا الشهر الذي انتصف قبل يومين دخل منهم اكبر مني بايام المدرسة وسبقوني بعام دراسي كامل جلس الى جانبي على الصخرة فخي الاكبر الذي كان مريضا يومها ولم يذهب الى المدرسة بسبب مرضه وبسبب الحر وبعد المدرسة عن القرية فقد كان اولاد قريتنا سندلة يتعلمون في مدرسة مشتركة مع ابناء قرية طيب المجاورة تقع في المرج غربي القرية على ارض تبعد حوالي كيلو متر ونصف او اكثر تعود ملكيتها لاحد كبار الملاك من منطقة جنين اقام عليها مزرعة بنى عدة مباني متقاربة وحفر فيها بئر ماء عرفت بدار التتر بعد نشوب حرب فلسطين وحدوث النكبة استعملت كمدرسة ابتدائية لطلاب القريتين كان الطلاب يخرجون في الصباح ويعودون بعد الظهر الى بيوتهم سيفا شفاءا مشيا على الاقدام اما خالي يحيا الذي كان يكبرني بثلاث سنوات فقد اجبر على الذهاب الى المدرسة في ذلك اليوم حيث كانت جدتي تعد العدة لترميم سطح بيتهم استعدادا لموسم الشتاء القادم وقد دعت لهذه المهمة عددا من نسوة العائلة ليساعدنها في جبل الطين كما جرت العادة وهي مناسبة يجتمع فيها الاقارب والجيران في الصباح لاحظ خالي تواصل النساء وبعض الرجال ليساعدوا بدورهم في رفع الطين الى السطح فاراد حضور المناسبة ليقضي يومه معهم يلعب وينرح شعرت جدتي بانه سوف يتعبهم ويسبب لهم المشاكل فأرسلته عنوة الى المدرسة وهددته بالعقاب إذا تأخر عن ذلك لغم الحر كنا نجلس مسوجين نراقب أبي وهو يهز دمة السمسم ويضرئها بالعصى ليسقط آخر حباتها ثم يأخذ دمة جديدة بيمينه وما أنهم برفع الأخرى بيساره حتى سمعنا صوتا فجار هز بويه الآفاق انتفتنا غربا باتجاه الصوت فإذا بغمانة دخان وغبار تعلو في السماء بسرعة البرق رما أبي دمة السمسم بدأ يركض غربا بكل ما أوتي من قوة قافزا من فوق الحجارة والسقور التي وقفت في طريقه كالجدار من غير أن يكلمنا أو يلتفد إلينا ما هي إلا ثوان حتى بدأ أهل القرية رجالا ونساء شيبا وسبانة يهرعون غربا باتجاه المدرسة منهم من يركب دابته وأكثرهم على الأقدام تتعالى ساخاتهم في الفضاء الذي تغير لونه واكتساب السواد وذلك الهواء الذي فاحت منه رائحة البارود والدم كانت تلك ساعة عودة الطلاب من مدرستهم فتوقن الأهالي أن مكروها قد حصل قبل أن يصل المكان ويشاهد الموت بأم أعينهم كما لم يشاهدوه في حياتهم من قبل فقد وجد الطلاب في عودتهم جسما غريبا كامنا على حافة الطريق الترابي الذي يمرون به يوميا الطريق الذي حفظ آثار أقدامهم وكان يشف حصول القمح في تلك البقعة من مرج بن عامر الجريح كان جسما غريبا يرونه لأول مرة أثار فضولهم وبدراءة الأطفال ضغضغوه ولما استعصى أبرحوه ضربا حتى انفجر بين أيديهم هناك ومن هول المصيبة غنت ورقصت النساء وهن يجمعنا مع الرجال أشلاء أبنائهم فلذات أكباتهم المضرجة بالدماء كأنما يجمعون الأقحوان القرنفر الأحمر وشقائق النعمان تقطعت وطيرت الهواء مع أوراق دفاترهم التي حملوها وسنابل القمح من حولهم جمعوا الأشلاء أحصوها فإذا هم خمسة عشر طفلا بعمر الورود إلا أنهم أجمل وأزكى من كل الورود والأزهار وضعوا الأشلاء في أكياس وبدأوا بدفنها في ظلام تلك الليلة دفنوا معها أحلامهم وأحلام أطفالهم في مقبرة القرية الأسيرة تحت الحكم العسكري الذي سعى لطمس ما جرى فلم يسمح لأحد أن يحضر مراسم الدفن غير أهل القرية الذين انفطرت قلوبهم من عمق الجراح وانهارت أجسامهم تحت حملها الثقيل فانضموا لقوافل الحزن الفلسطيني والعالم يركض من بعيد إلى لحظة واحدة غيب ما يقرب من ثلاث طلاب المدرسة من الأطفال رعيل كامل من البنين والبنات غيبهم الغادرون سلبوهم الحياة وجرح ثلاثة آخرون لم يتحمل الناس كبر الفاجع خيم الحزن على القرية سنين طوال على الحجر وعلى البشر عاشوا وعاشت المأساة معهم تغاظروا بالنسيان لكن المأساة أقوى وأكبر من أن يبتلعها النسيان كيف يمسى محزون حزنه وحمائم الحي تموح ليل نهار فمضوا ولسان حالهم يقول نموت ولا نمسى كغير من أبناء جيلي ورست المأساة صغيرا عايشتها ضقت أحزان الكبار أحسست أوجاعهم علمت أخبارهم كيف ناموا كيف قاموا كيف عاشوا وكيف ماتوا هذه جدة التي أنستها الأيام أني حفيبها ولم تعد تعرف أحدا حتى جدي بلغت من الكبر عديا نسيت كل من حولها لكنها لم تنس قط ما حدث وجدتها يوما تنهمر الدموع من عينيها وهي تبحث عن صغير لها خرج ولم يعد وتسألني إن كنت قد رأيته أو أعرف شيئا عنه أعرف يا جدتي وأذكر جيدا أن من تبحثين عنه قد وعدني يومها أن ينصب لي أرجوحة على أرصان تينتنا وجهز لذلك الحبال والخيطان كيف أنسى كيف أنسى ذكرياتي وهي تأبى النسيان لله درك يا جدتي ولله درك يا عماه يا من فقدت ثلاثة في يوم واحد عينك وكبدك وفؤادك ما أصبرك كيف تحملت ما تنفطر له الصخور وتنوء بحمله الجبال لا تنوموه حاول الجنات الغادرون إقناع الناس بأن الجريمة كانت قضاء وقدر وما عليهم إلا الرضا بأقدارهم والتزام السكوت والنسيان من حاول أن يسأل أسكتوه طارة بالترغيب وبالترهيب طارات مارس التهديد والوعيد أشغل الناس بلقمة العيش الممزوجة بهواجس الخوف والإرهاب لكن الناس صبروا وفي داخلهم جمارات حزن ولهيب غطب فالت دماء الأطفال بللت حقائبهم والدفاتر وفقت مرج بن عامر فجرى بها الوادي ليصب في النهر العظيم الذي لا زالت وستبقى غوافده تزباد كل يوم حتى يفيضك الطوفان يجرف معه الظلم والظالمين ويلقي بهم في غواهب البحار ويطفئ غضب المظلومين لتزهر أحزانهم وتتفتح على غد مشرق قريب هو بالباب واقف ورد منه خائف فهديه عواصف ترجمة نانسي قنقر