Alexeer 29-منزلة الحياء

منزلة الحياة قال الله تعالى إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيدًا وقال تعالى يَعْلَمُ خَاتِنَةَ الْأَعْيُنِ وَمَا تُخْفِي الصُّدُورِ في الصحيح من حديث إبن عمر رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مر برجل وهو يعز أخاه في الحياء فقال دعه فإن الحياء من الإيمان وفيه معن أبي سعيد رضي الله عنه كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أشد حياء من العبراء في خدرها فإذا رأى شيئا يفراهه أعرفناه في وجهه والحياء من الحياة وعلى حسب حياة القلب يكون فيه قوة خلق الحياء وقلة الحياء من موت القلب والروح فكلما كان القلب أحيا كان الحياء آتم قال الجنيف رحمه الله الحياء رؤية الآلاء ورؤية التصير فتولت بينهما حالة تسمى الحياء وحقيقته خلق يبعث على ترك القبائح ويمنع التفريط في حق صاحب الحق وقال الفضيل ابن عيوف رحمه الله خمس من علامات الشقوة القسوة في القلب وجمود العين وطلة الحياء والرغبة في الدنيا وطول الأمل وقال يحيى ابن معاد رحمه الله من استحيى من الله طيعة استحيى منه وهو مزنب وهذا الكلام يحتاج إلى شرح ومعنى أن من غلب عليه خلق الحياء من الله حتى في حال طاعته فقلبه مترق بين يديه إطراق مستحيل خجل فإنه إذا واقع ذنبا استحيى الله عز وجل من نظره إليه في تلك الحال لكرامته عليه فيستحيى أن يرى من وليهه ومن يقرم عليه ما يشينه عنده وفي الشاهد شاهد لذلك فإن الرجل إذا طلع على فخص الناس به وأحبهم إليه وأقربهم منه من صاحب أو ولد أو من يحبه وهو يخونه فإنه يلحقه من ذلك لطلع عليه حياء عجيب حتى كأنه هو الجاني وهذا غاية القرم وأما حياء الرب من عبده فذاك نوع آخر لا تدركه الأفهام ولا تكفيه الأقول فإنه حياء قرم ودر وجود وجلال فإنه حيي كريم يستحي من عبده إذا رفع إليه يديه أن يردهما شفقا ويستحي أن يعذب ذا شيبة شابت في الإسلام أوجه الحياء وقد قسم الحياء على عشرة أوجه حياء جناية وحياء تقصير وحياء جلال وحياء كرم وحياء حشمة وحياء استصغار للنفس واحتقار لها وحياء محبة وحياء عبودية وحياء شرف وعزة وحياء المستحي من نفسه فأما حياء الجناية فمنه حياء آدم عليه السلام لما فر هاربا في الجنة وحياء تقصير كحياء الملائكة الذين يسبحون للليل والنهر لا يفطرون فإذا كان يوم القيامة قولوا سبحانك ما عبدناك حق عبادتك جلال هو حياء معرفة وحياء الجلال هو حياء معرفة وعلى حسب معرفة العبد بربه يكون حياءه منه وحياء القرب كحياء النبي صلى الله عليه وسلم من القوم الذين دعاهم إلى وليمة زينب وطولوا عنده فقام واستحيا أن يقول لهم انصرفوا وحياء الحشمة كحياء عليه ابن أبي طالب رضي الله عنه أن يسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن المزي لمكاري ابنته منه حياء الاستحقار واستصغار النفس حياء العبد من ربه عز وجل حين يسأله حوائز احتقارا لشأن نفسه واستصغارا لها وأما حياء المحبة فهو حياء المحب من محبوبه حتى إنه إذا خاطر على قلبه في حال غيبته هاجر حياء من قلبه وأحس به في وجهه ولا يدري ما سببه وكذلك يعرض للمحبة عند ملاقاته محبوبه ومفاجأته له أوعى شديدة وأما حياء العبودية فهو حياء منتزج بين محبة وخوف ومشاهدة عدم صلاة عبوديته بمعبوده وأن قدره أعلى وأجل منها فعبوديته له تودب استحيائه منه لا محالة وأما حياء الشرف والعزة فحياء النفس العظيمة الكبيرة إذا خضر منها ما هو دون قدرها من بذل أعطاء أو إحسان فإنه يستحي مع بذله حياء شرف نفس وعز وهذا له سببان أحبهما هذا والثاني استحيائه من الآخذ حتى إن بعض أهل القرم لا تطاوعه نفسه بمواجهته لمن يعطيه حياء منه وهذا يدخل في حياء آتقر لأنه يستحي من خجله الآخذ وأما حياء المرء مع نفسه فهو حياء نفوس الشريفة العزيزة من رضاها لنفسها بالنقص وبيعها بالدون وهذا أكمل ما يكون من الحياء فالعبد إذا استحي من نفسه فهو بأن يستحي من غيره أجطر والعبد متعلم أن الرب تعالى ناظر إليه أورثه هذا العلم حياء منه يجذبه إلى احتمال أعباء الطاعة مثل العبد إذا عمل الشغل بين يدي سيده فإنه يكون نشيطا فيه محتملا لأعبائه ولا فيما مع الإحسان من سيده إليه ومحبته لسيده بخلاف ما إذا كان غائبا عن سيده والرب تعالى لا يغيب نظره عن عبده ولكن يغيب نظر القلب والتفاسه إلى نظره سبحانه إلى العبد فإن القلب إذا غاب نظره وقل القفاته إلى نظر الله تبارك وتعالى إليه تولد من ذلك قلة الحياة وكذلك يحمله على استقباح جنايته وهذا الاستقباح الحاصل بالحياة قدر زائد على استقباح ملاحظة الوعيد وهو فوقه وأرفع درجة من الاستقباح الحاصل عن المحبة فاستقباح المحبة أتم من استقباح خائف ولذلك فإن هذا الحياء يكف العبد أن يشك لغير الله فيكون قد شك الله إلى خلقه ولا يمنع الشكوى إليه سبحانه فإن الشكوى إليه سبحانه فقر وذل وفاقة وعبودية فالحياء منه لا ينافيها